في البداية، لا بد أن نعترف أنه ومنذ إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب عام 2011 للإشراف على جميع أشكال الانتخابات, ونحن نشهد قفزات نوعية متقدمة, أسهمت بشكل كبير في تخفيف حدة النقد الذي كان سائدا إبان ما كانت فيه وزارة الداخلية هي من تشرف وتنظم الانتخابات سابقا, باعتبارها أحد أجهزة الدولة, وكان ينظر إليها بأنها جهة رسمية غير محايدة.
ولست هنا بصدد الحديث عن المرحلة السابقة, قبل إنشاء «الهيئة المستقلة", وسوف أقصر حديثي عن الانتخابات التي أجريت الثلاثاء. للمجالس البلدية والمركزية وأمانة عمان. وهنا لا بد أن نعرج على زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني للهيئة عشية إجراء الانتخابات, اطلع فيها جلالته على الآليات التي ستنظم بها الانتخابات البلدية وكانت هذه الزيارة بمثابة رسالة موجهة للجميع, باهتمام جلالته بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وحيادية.
لقد تابعت باهتمام عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي سير العملية الإنتخابية, وهنا ومن باب الحيادية، لا بد من قول كلمة حق فيما شاهدناه وسمعناه, من تنظيم منقطع النظير, كان وراءه جهد جبار للهيئة, وتشاركية وتنسيق مع الأجهزة المعنية الأمنية بمختلف أشكالها, وكذلك خضوعها للرقابة من قبل مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية, المعنية بالانتخابات بمختلف مسمياتها, التي أكدت في تقاريرها نزاهة العملية الانتخابية, ومطابقتها للمعايير الدولية, وإن كانت هناك بعض الملاحظات البسيطة, التي تعتبر ما دون الحد الأدنى مما هو مقبول ومتوقع أثناء سير العملية الانتخابية.
أما فيما يتعلق بالمال الأسود, الذي تحدث عنه البعض, فبخلاف ما تم ضبطه من قبل الأجهزة المعنية, فالفضاء لمثل هذه الحالات مفتوح, وإمكانية لجوء أصحاب الأنفس المريضة اليها، أكان مرشحا أو ناخبا، أمر متوقع, ومن الصعب السيطرة عليه. ومن جهة أخرى فإن القانون ترك الباب مفتوحا, في حق طعن المتضرر, أمام المحاكم المختصة خلال شهر من إعلان النتائج النهائية, في حال كان الطاعن يملك الدلائل والإثباتات التي تؤكد صحة ادعائه, وهذا الإجراء القانوني معمول به في جميع الدول الديمقراطية الحريصة على تحقيق العدل بين الناس.
أما فيما يتعلق بالنتائج التي خرجت بها الانتخابات, فليس عندي سوى تعليق واحد, ففي ظل مشاركة خجولة للأحزاب السياسية, وطغيان الترشح الفردي, فهذا ما أفرزته اختيارات المواطنين, وليتحمل كل منا أسباب ودوافع اختياره, أكان على أساس قناعة شخصية, أو لأسباب أخرى. وفي النهاية لا بد من أن أسجل شهادتي في رئيس الهيئة الدكتور خالد الكلالدة, وإن كانت شهادتي به مجروحة, فعلى الرغم من معرفتي المتواضعة به, وإذا ما ابتعدنا عن الجانب الشخصي, وما يتمتع به من أخلاق وهدوء وأدب جم, والأهم عشقه الكبير لبلده ومليكه, فإن اللقاء معه ممتع, بما يملكه من قدرة على الإقناع, ناجم عن معرفة ودراية وحجة, أكدت قناعتي الشخصية وقناعة الكثير ممن يعرفونه, بأنه الشخص الصحيح في المكان الصحيح, فكل الاحترام والتقدير له, فلقد كان مخلصا للأردن والملك, وأدى المهام الموكولة إليه بوطنية وأمانة.
